قف مشدود القامة مفرود الكتفين
يحتاج سرطان البحر إلى مخبأ أمن يستريح فيه، متحرراً من مفترسيه ومن قوى الطبيعة، غير أنه ليس هناك سوى عدد محدود من الملاذات أو المخابئ المثالية في كل أرض جديدة نجوبها أو تطأها. فهي نادرة وقيمة ومكلفة، ولذا تبحث كل سرطانات البحر بحثا وئيداً عن المخابئ نفسها، ما يعني أن سرطانات البحر تلتقي ببعضها حين تخرج للاستكشاف والبحث عن مأوى وعن طعام. لقد أثبت الباحثون المتخصصون أنه حتى سرطان البحر الذي يعيش بمعزل عن أفواج السرطانات الأخرى، يعرف ماذا يفعل وماذا يريد وهو يستطلع ويستكشف المجهول، لأن لديه سلوكاً دفاعيا وآخر هجوميا يتسمان بالتعقيد، وهذا جزء أصيل وفعال
.من جهازه العصبي
النزاعات والصراعات التي تتصاعد من حولنا على كل المستويات، تنتهي دائما بفوز أحد الطرفين وخسارة الطرف الآخر، والكيمياء التي تشكل عقلية سرطان البحر المنتصر تختلف بشكل لافت للنظر عن التي تشكل عقلية نظيره المهزوم، مما ينعكس نسبياً على حالتيهما النفسية والفسيولوجية، وقد تبين أن ثقة سرطان البحر بنفسه أو تراجعه وانكفاءه تعتمد على مادتين كيميائيتين تنظمان عملية الاتصال بين خلاياه العصبية، والمادتان هما السيروتونين والأكتوبامين، حيث يزيد معدل إفراز المادة الأولى في الجهاز العصبي للفائزين على حساب المادة الأخيرة. تعد ثنائية السيروتونين المرتفع والأكتوبامين المنخفض سمة من سمات الفوز، ويسفر التكوين الكيميائي العصبي العكسي، أي ارتفاع معدل الأكتوبامين وانخفاض السيروتونين عندما يكون سرطان البحر مهزوماً وجباناً، فتراه تائهاً وذليلاً ومنكس الرأس، ثم ينسحب ويختفي مع أول بادرة
.لمواجهة أي أزمة
ثمة جهاز عصبي ومنظومة شعورية بدائية تقبع في ثنايا عقلك، وكثيرا ما تتسلل إلى أعماق أفكارك ومشاعرك. هذا الجزء البدائي من عقلك، متخصص في تقييم مستويات الهيمنة والسيطرة، ويراقب الأسلوب الذي يعاملك به الآخرون، وعلى غرار سرطان البحر، يقيم الناس كل منهم الآخر وفق وضعية الجسد، فإذا ظهرت كشخص مهزوم، فسوف يعتبرك الناس والمجتمع مهزوما، أما إذا وقفت مشدود القامة، فسينظر إليك الناس ويعاملونك بأسلوب مختلف، بل سيعتبرونك كفؤا وقويا وشديدا. وقوفك مشدود الجسد مفرود الكتفين ليس مسألة شكلية وجسدية وحركية فحسب، فأنت لست جسدا فقط؛ أنت روح ونف أيضا. عندما تقف مشدود الجسد فإنك تعلن عن كينونتك، حيث يستجيب جهاز العصبي بأسلوب مختلف تماما حين تواجه متطلبات الحياة بإرادة قوية، فتتعامل مع الأمر وكأنه تحد، بدلا من تبرمك منه باعتباره كارثة، فتتقدم لتحتل مركزك في سلم الهيمنة والنفوذ، وتأخذ مكانتك وتظهر استعدادك للدفاع عنها، وتوسيعها وتعظيمها وتحسينها إلى الأفضل، ويحدث كل هذا عملية أو رمزية، على أرض الواقع أو
في الخيال، وفي كل الأحوال يؤدي إلى إعادة هيكلة جسدية أو فكرية. عليك الانتباه إلى وقفتك ووضعتك الجسدية، وتتوقف عن الاهتزاز والخضوع والانحناء. عبر عن نفسك دائما وضع رغباتك أولا؛ لأنها من حقك قبل أن تكون حقا لغيرك. سر مشدود القامة وانظر دائما إلى الأمام، وستمتلك الجرأة على أن
.تكون وجيها ومهيبا